تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
متحف البلدة القديمة الخليل

متحف البلدة القديمة

تزخر البلدة القديمة من الخليل بتراث ثقافي فريد، تتنوع  صوره الفنية والجمالية والوظيفية لتعكس حضارة عريقة لازالت تحتفظ بأدق تفاصيلها الحضرية والمعمارية، من هنا انبثقت فكرة إيجاد متحف في البلدة القديمة ليكون مرآة  لحضارتها وإرثها الثقافي، وليكون منبرا يحكي  للأجيال الحالية والمستقبلية كل ما يتعلق ببلدتهم  وذلك من منطلق الحاجة لرفع وعي أفراد المجتمع المحلي وزيادة معرفتهم بتراث بلدتهم وتاريخها وتطورها العمراني والظروف السياسية التي تحيط بها والجهود المبذولة لحماية هذا التراث والحفاظ عليه. كما يلعب المتحف التفسيري  دورا هاما في تشجيع السياحة للبلدة القديمة ويعتبر أحد مقوماتها،  لذا يستهدف هذا المشروع جميع فئات المجتمع المحلي والدولي .

يعتبر المتحف قطعة معمارية فنية نادرة، بمفرداته وعناصره التقليدية  ونمطه المعماري والتشكيلات الزخرفية التي يتزين بها. حيث نفذت لجنة إعمار الخليل هذا المشروع بتمويل من السويد من خلال منظمة  الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ( اليونسكو). وقد استندت منهجية الترميم على التدخل بالحد الأدنى وذلك من أجل الحفاظ  على هذا المبنى التاريخي وعناصره المعمارية والإنشائية المميزة، كما ركزت عملية الترميم على الحفاظ على أصالة المبنى من خلال الحفاظ على مواد وتقنيات البناء الاصلية وعلى طابعه التقليدي، و تم الحفاظ على  العناصر المعمارية الفريدة التي يمتلكها المبنى كالبلاط التقليدي داخل المبنى وكذلك الخزائن الخشبية تم ترميمها وإعادة استخدامها ، وغيرها من العناصر كالتصوينات الفخارية والزجاج الملون والأعمدة ذات التيجان المزخرفة.  

يتكون متحف البلدة القديمة من خمسة فراغات رئيسة، كل منها يتناول جانبا معينا من المدينة، ويسير الزائر في هذه الفراغات وفق متسلسلة واضحة لعرض المعلومات، حيث يستعرض الفراغ الأول المسرد الزمني لمدينة الخليل مقدما معلومات تاريخية مفصله لكل حقبة تاريخية مرت علي المدينة موضحة بالصور والقطع الأثرية الدالة على هذه الحقبة، بعدها ينتقل الزائر إلى غرفة خاصة بالحرم الإبراهيمي الشريف، تستعرض معلومات عن هذا المعلم المقدس من حيث التاريخ والوصف المعماري والآليات المتبعة في ترميمه والحفاظ عليه والمعوقات التي تواجهها عملية ترميمه.  بينما يتناول الفراغ الثالث لجنة إعمار الخليل من حيث تأسيسها وأهدافها  وخطتها الشاملة وإنجازاتها في الحفاظ على البلدة القديمة وإعادة الحياة اليها، ويتناول الفراغ الرابع عرضا للوضع السياسي لمدينة الخليل والانتهاكات التي يتعرض لها السكان والتراث العمراني على حد سواء، في الختام تقدم الغرفة الخامسة كل ما يتعلق بالحرف التقليدية والتي تمثل جانبا مهما من التراث الثقافي  للبلدة القديمة حيث تتناول الحرف الرئيسة كالخزف والزجاج والفخار والنسيج والتطريز مع تمثيل هذه الحرف من خلال عرض بعض المقتنيات لهذه الحرف. هذا ويحوي المتحف على صالة متعددة الأغراض مزودة بشاشة عرض تعرض فيها أفلام خاصة  وتقام فيها اللقاءات والندوات، إضافة إلى معرض الآثار الذي يعرض مجموعة من القطع الأثرية  التي تمثل تاريخ الخليل.

فندق فلسطين

في مدخل البلدة القديمة من الخليل، مبنى تاريخي يخطف الأنظار، فما من أحد يدخل إلى البلدة القديمة أو يخرج منها إلا ويقف متأملا بجمال هذا المبنى، ومتسائلا عن تاريخه واستخدامه. انه فندق فلسطين... لذا فإننا عندما نتحدث عن فندق فلسطين لا نتحدث عن مبنى تاريخي تقليدي، بل نتحدث عن تحفة معمارية شامخة بطرازها المعماري وتشكيلاتها الهندسية البديعة ومسقطها المعماري ذو الشكل المثلث والذي ينفرد به عن غيره من المباني التقليدية. مجموعة من القيم التراثية يحملها هذا المبنى تجعله جديرا بالاهتمام وتضعه على  قائمة الحفاظ والترميم، وهذه القيم هي:

القيمة التاريخية: يعود المبنى إلى فترة الانتداب البريطاني على فلسطين (1918-1948)،  وهي فترة هامة في تاريخ العمارة في فلسطين نظرا لما حملته من مواد وطرق إنشاء جديدة ومختلفة عن الفترة التي سبقتها(الفترة العثمانية)، وبالتالي تكمن قيمة هذا المبنى في انه يمثل نموذجا معماريا لهذه الفترة التاريخية، ويسجل خصائصها ومميزاتها المعمارية والإنشائية.

 القيمة الجمالية: تنبع القيمة الجمالية للمبنى من نمطه المعماري وما يحمله من عناصر وتشكيلات معمارية وهندسية مميزة، والتي تعطي مؤشرا على تحسن الظروف الاقتصادية ما ساهم في إيجاد عمارة غنية بالتفصيلات والتشكيلات المعمارية، ويظهر ذلك واضحا في المبنى من خلال الزخارف على الواجهات  والأعمدة والمدخل الرئيس،  إضافة إلى العناصر المعمارية الداخلية والتي تتمثل بالبلاط المزخرف والملون والتفصيلات الخشبية الفريدة وكذلك عناصر الشبابيك من إطارات خشبية وحماية معدنية وزجاج ملون.

القيمة الاجتماعية: حيث أن هذا المبنى يمثل نمط البناء المنفرد، والذي يعكس  مرحلة من مراحل تطور نمط الحياة الاجتماعية في الخليل والتي تتمثل بالخروج من النسيج العمراني والتغيير في نمط البناء بنظام الأحواش إلى البناء المنفرد المستقل.

القيمة الاقتصادية: تم إنشاء هذا المبنى بالأساس كفندق، وبالتالي فهو يعكس ازدهار الوضع الاقتصادي والسياحي للبلدة القديمة ويشهد على حيويتها وأهميتها السياحية ، كما تم إشغاله لاحقا كمشغل لصناعة الأحذية، تلك الصناعة التي اشتهرت بها مدينة الخليل، أي أن تاريخ استخدام هذا المبنى مرتبط بالنواحي الاقتصادية  ويجسد الواقع الاقتصادي القوي التي كانت علية البلدة القديمة(مركز الخليل الاقتصادي)

ويظهر من خلال تحليل القيم التراثية أن المبنى يتمتع بقيم استثنائية وبأهمية عالية ترشحه للاستخدام  المفتوح لعامة الناس والزائرين والوافدين للبلدة القديمة ليتمكنوا من الاستمتاع بما يحويه من تاريخ وتراث معماري، ولعل فكرة استخدامه كمتحف للحرف تحقق هذا الهدف وتناسب القيم الاستثنائية التي يتمتع بها هذا المبنى، كما أن موقعه الاستراتيجي على مدخل البلدة القديمة يساعد في ذلك من خلال تامين حرية الحركة والتنقل للوافدين بأكثر من اتجاه.